الشيخ
بن حمر العين يقف على الربوة
يلتفت الى الوراء و يشير الى الأمام
_ لا أريد أن اتكلم عن حياة الشيخ رضي الله عنه وتعلمه و تعليمه وتلاميذه و مريديه
و تجربته
في الحياة .
بل أريد
أن اتحدث عنه كمعنى علق بالخاطر و إشعاع سكن الفكر و سر ملأ الصدر
صدقوني
أني أقف متحييرا دهشا لا أدري ما أقول و من أين أبدأ ببساطة انه معلم
يربطنا
بالذاكرة و بالتاريخ الجزائري الأصيل كما أنه يثير فينا الحنين الى الماضي
ويشعل
فينا الرغبة الجارفة الى الغوص في ماضينا والتعرف على أعلامه وعلمائه
و مراكز
الإشعاع فيه .
أقول بملء
في أنه شيخ بالمعنى الكبير للكلمة و سيد بالمعنى الآخر لمن يفهمه
( صبعة الله
و من أحسن من الله صبغة )
انة سليل
العلماء لأتقياء و المجاهدين الأباة أخذ العلم عنهم بالتعلم و المعايشة
وامتص
تجربتهم و خبراتهم كما يمتص النبات غذاؤه و يضمن نماؤه من التربة
والهواء
وضوء الشمس و بالطريقة نفسها التي يحصل بها الجنين في رحم أمه
على غذائه
و نموه ، كان رحمه الله من أساطين المذهب المالكي يحفظ المتون
عن ظهر
قلب ويستوعب شروحها استعابا فائقا ويعي دقائق اختلاف المجتهدين
في المذهب
.
أشعري
العقيدة عالما بقواعدها و أسسها متمثلا لمقاصدها و مقتضياتها مهتما بنشر
تعاليمها
بين الناس منافحا كل من ينتقص منها او ينقضها بحزم و إخلاص _
وما
أكثرهم في هذا الزمن _
جنيد
السلوك أخذه كابرعن كابر منذ نعومة أضافره الى أن صار شيخا طاعنا في السن
بل الى أن
صار معلما و مربيا و مرشدا يجلس اليه المتعلمين ويقصده المريدين و يتقاطر
عليه من
كل حدب و صوب المستنصحين و المسترشدين و المستفتين ........كان رحمه
الله
مستدبرا للدنيا مقبلا على الآخرة في معظم أوقاته وفي كل شؤونه لا تحظر الدنيا عنده
الى إذا
كانت لها صلة بالآخرة ولا يباشر متع الدنيا الأثيرة عند أهلها العزيزة على عبيدها
أي الدنيا
إلى إذا كان لها مدخل أو مسوغ الى خدمة الدين و العلم به مثل الترويح
عن النفس
و تنشيط الذهن و إعادة الحيوية الى الجسد المكدود .
إن
الإنسان ليدهش من تعلق هذا الرجل العظيم بماضيه و بتراثه التليد و احتفائه
بمحتوياته
دقيقها و جليلها سردياته فيما يخص هذا الشأن مرآة تعكس أنماط العيش
و أنماط
العلاقات و أنماط التفكير في تلك الفترة من حياة الناس حتى لكأنك تسمع و ترى
و تلمس ما
يجري في هذه القطعة من الزمن مما لابد منه من عناصر لتركيب الحياة
الحياة ،
الموت ، النجاح ، الفشل ، السرور ، الالم ، الزواج ، الولادة ، الكولون ، الأهالي
مواسم
الحرث و الزرع ، مواسم الحصاد و الدرس ، حلق تحفيظ القرآن ، حلق تدريس
اللغة
العربية و الفقه ، و أشياء أخرى ..... لم نذكرها لالعدم أهميتها بل لعجز الذاكرة
عن تذكرها
.
شيخ
استطاع أن يحضر الحضور الأمتع و الأمثل ، ويدير علاقاته بالناس على مختلف ،
فئاتهم ،
و شرائحهم ، و تباين مستوياتهم ، واختلاف مشاربهم بصورة جميلة تستدر
الإعجاب
من القلوب ، و تستل الإحترام ، و التقدير من العقول .
محور
حياته الأمر بالمعروف ، و النهي عن المنكر ، إذا ظهر منكر إنطلق كالسهم لإزالته
إذا كان
جديدا ، و محو آثاره إذا كان قديما ، و إذا برز معروفا هرول نحوه لتقويته ومد
آثاره ما
أمكن ، في صدور الناس ، و قلوبهم ، كان رحمه الله ، أسفا ، حزنا على ذهاب
الأخلاق ،
و إنحصار القيم ، و تشوه مفاهيم ، و مصطلحات الدين ، وإسناد الأمر الى غير
أهله ، و
استباحة ساحة الدين من طرف شرذمة ، تتميز بالقحة ، و الوقاحة ، و الجرأة
التي بلغت
حد الإستهتار ، في الإقدام على الفتيا ، و الوعظ ، و الإرشاد ، و الخطابة ،
و الجسارة
، على إطلاق ، أحكام ، الكفر ، و الشرك ، و النفاق ، و الزندقة جزافا بلا
شيئ من
العلم ، و لا مسكة من الحياء ، كان كلما رأى أحدا من هؤلاء أشاح بوجهه قرفا
متقززا
آخذا نفسا من أعماقه ممزوج بالحوقلة و الإستغفار ، و على كل عاش في زمن لم
يتمحض للحداثة ، و لم ينسحب كليتا من
التراث أي منزلة بين المنزلتين كما كان يحلو
لقدمائنا المتكلمين أن يقولوا و يكرروا القول ، هذا هو مصدر توتر و قلق شيخنا رحمه الله و أرضاه
لقدمائنا المتكلمين أن يقولوا و يكرروا القول ، هذا هو مصدر توتر و قلق شيخنا رحمه الله و أرضاه
بقلم :
محمد الفاضل حمادوش
سطيف -
الجزائر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق