زاوية قجال
ماضي عريق و مستقبل لا ندري كيف يكون
بقلم : محمد الفاضل حمادوش
_ كادت الزاوية
أن تستأصل و تمحى ذكراها ويضيع كل ما يدل عليها و يطويها النسيان ، لولا كتابات
الشيخ الزبير شيخ الزاوية الرحمانية بقجال ، حيث تعبر هذه الكتابات عما يجيش في
صدر الرجل من أفكار و عواطف تلح على بقاء الماضي و مآثره كأصل و مرتكز فائض
بالمعاني حافل بالرموز ، غيابه أو تلاشيه يعني الضياع و التشتت و النسخ و المسخ و
فقد الخصائص والمميزات التي تجعل الكيان متعينا متشخصا متفردا له شكل واسم ومقومات
و ملامح تقيه من الإلتحاق بغيره والإندماج فيه وتحفظه من التيه وفقدان البوصلة .
إن هذه الكتابات التي تجاهد من أجل التغلب على النسيان
وتقييده و إرغامه على أن لا يستفحل فيسحق
الذاكرة و يغزوا التاريخ صفة المرابطة من
أبين صفات هذه الكتابة وعنصر من عناصر العناد ، و الإصرار ، و الإرادة الصلبة و
العقل المتوفز ، و الذكاء الذي يهدي الى البداية و إلى النهاية و يستحضر عوامل و وسائل
التغلب على الصعبات و العراقيل المادية و تلافي العوائق النفسية والنَزاعات
،والنِزاعات الإجتماعية و الإرادات السلطوية و التدافع المعنوي و الرمزي بين أطراف المجتمع و ذهاب كل
طرف الى الإستئثار به أو إنتزاعه و إفتكاكه حتى لو كلف ذلك إثارة الخلل في المجتمع
و سلبه اسقراره و توازنه ، وهي حالة غير سوية وغير صحية لم نستنفد الكلام بعد على
أسلوب هذه الكتابة و عن طريقتها في التعاطي مع الحقائق التاريخية و الجد و
الاجتهاد في لملمة ذرات و عناصر تاريخية
أرشيفية و شفاهية اقتربت من الموت و أشرفت على الهلاك مما ينجر عنه إلغاء حقبة
تاريخية و معالم دينية و بؤر ثقافية تغذت منها ومن أمثالها الجزائر أمدا طويلا
فكانت حصانةً و مناعة دفعت غائلة الغزو الثقافي و قتلت فاعليته، فاستوت نصا حصيفا
أثيرا, يقول الحق وهو يهدي السبيل , فيما هو منشغل به و مهتم بتجليته
وتوضيحه أوإصلاحه و ترميمه أو إقامة عوجه و تشذيبه أفلحت هذه الكتابة في استنقاض حقائق تاريخية كادت تندثر،وانتشال حيوات كان لها شأن و كان لها
تأثير و نفوذ لم يقتصر عليهم بل امتد الى حاضرنا ، و تدخل في تشكيل عقلنا و
استمالة عاطفتنا ، و دفعنا الى معانقة المستقبل و التوق الى الحضور فيه ، و
المشاركة في إنجازاته إن هذه الكتابات تشعر و أنت تتابعها بأنها تنوء بحمل الأمانة
التي ألقيت على عاتقها و لا تجد مهربا،ولا تعثر على عذر ، للتنصل
منها و رميها في ساحة المهمل و المهجور ،
إن الكاتب تجشم الصعوبات و الصوارف وهي كثيرة و متنوعة و صدها ، و اعتراضها ، و
تشويشها دارج و معروف لكل من يتصدى لمثل هذه المهام ، و يمارس هذه الأنشطة و خاصة
إذا كان جانبها الفكري و الثقافي راجح و حييزها المعنوي و الرمزي غالب ، ووازن ،
على كل مثل هذه الأعمال لها مساحة و مسافة و نقطة انطلاق و هدفا تصل إليه و تصيبه
تماما مثل الصاروخ له نقطة انطلاق و كبسولة تدفعه و مرمى يصل إليه و الحال إذا لم
تشغل هذه المساحة و تستغل و تستثمر هذه المسافة بما يلزم أن تشغل به و تشد إلى
لمضمون و محتوى هذا الشغل فإن خللا لابد حاصل في المجتمع و فتنة تستيقض و تنتصب و
تدفع الى ما يحمد عقباه ، و شيطان فاغر فاه باسط يده للإنقضاض على كل ما يصلح و
يفيد ، يتولى و قد ترك الجماعة أنقاضا و فلولا حينئذ يتعذر عليها إسترجاع طاقتها و
استعادة لحمتها فضلا عن تحكيم الرأي السديد و الحكمة في ما يعنيها من شؤون و فيما
يعن لها من اختلاف يفضي إلى التدابر أو في أدنى الأحوال الى التهاتر وسد المنافذ
الى المعابر و الإستغناء عن المنابر .
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم *** و لا سراة إذا جهالهم سادوا
ما يحمد للهذه الكتابة و يزيد في ألقها و يضاعف أهميتها أنها تناولت فترة
تاريخية استلتها من طي العدم و دفعتها الى نور الوجود فانتقضت حية تفور بالمشاعر و
الأحاسيس حافلة بعناصر و ألوان وخطوط متفاوتة و متراتبة ، متناضدة و متناسقة لوحة
فنية تعكس قطعة من حياة الجزائر يفرض علينا الإرتباط بالأصل و الحنين إليه ، و
الفضول المعرفي إرتياد هذه العوالم لتحصيل متعة و فائدة و ارتياح و نيل عبرة .
بقلم : محمد الفاضل حمادوش
الإثنين 17 ديسمبر
2012 ميلادي
الموافق لـ 3 صفر
1434 هجري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق